شرط خلع الحجاب لتوظيف السيدات.. متى يمكن اللجوء للقضاء؟

منذ تحول المذهب الحاكم في تركيا من الإسلامي بعد سقوط الامبراطورية العثمانية إلى العلماني، حاربت النساء التركيات المحجات على مدى سنوات من أجل إسترجاع حقهن في إرتداء الحجاب في المؤسسات الرسمية والعمل، بعد أن كان القانون العام يقضي بذلك قبل أن تنتزع المحجبات حقهن في إرتداء الحجاب في كل مكان تحت مبدأ حرية اللباس.

ولكن وحتى اليوم مازالت هنالك بعض الممارسات العنصرية تجاه المحجبات بين الحين والآخر، إما في المجتمع بشكل عام أو في المؤسسات الخاصة، وآخر الأمثلة على ذلك رفض مؤسسة في مدينة بورصه توظيف إحدى المتقدمات للعمل في هذه المؤسسة بحجة أنها ترتدي الحجاب رغم أنها تمتلك قدرات عالية ومؤهلات قوية. حيث ردت إدارة الشركة وبشكل صريح على الفتاة المتقدمة “بأنهم يرحبون بالفتيات من كل فئات المجتمع للعمل في مؤسستهم مادمن غير محجبات”، بدورها رفعت الفتاة قضية على هذه المؤسسة تحت بند العنصرية.

فهل ينصف القضاء هذه الفتاة؟

في هذا الصدد يقول الدكتور محمد عياش أخصائي التطوير الإداري والموارد البشرية أنه، ومن منطلق إداري، وتحديدا إنطلاقا من المبدأ المسمى بالسلامة والأمن الوظيفي يحق لإدارة المؤسسة أن تفرض اللباس والشكل الذي تراه مناسب على موظفيها. وأنطلق هذا المبدأ من باب الحفاظ على سلامة الموظف مثلا الطباخ لديه لباس معين، عمال الأمن يجب أن يحملوا معدات معينة لأداء وظيفتهم، الطياريين واللاعبين عليهم أن يمتلك وزن معين، الجنود والشرطة يجب أن يتسموا بشكل مخصص، وغيرها من الأمثلة. وكل هذا الشروط لا يمكن للموظف أن يعترض عليها فإما أن يعمل في الوظيفة ملتزما بالشروط أو يرفضها.

على صعيد المحجبات العاملات في تركيا ففي عام 2013 تم إصدار قانون يسمى بقانون تحرير اللباس، وهي أن لا يتم التميز العنصري تجاه أي طرف عند التوظيف تبعا للباسه، وخصوصا في المؤسسات الحكومية حتى أن القانون يلزم الشركات بأن تصنع لباس مناسب للمحجبات وغير المحجبات، وبمعنى أدق في حين كان اللباس الرسمي الذي ترتدية الموظفات في شركة ما غير مناسب للمحجاب يمكن للمحجة أن تطلب تعديل اللباس بحيث يتناسب مع حجابها. وتحت هذا البند يحظر على المؤسسة سواء كانت خاصة أو حكومية أو غير ذلك أن تميز في اللباس أثناء إعلان التوظيف وإلا ستتعرض للمساءلة.

وفي سياق الحادثة التي ذكرت في البداية ذكر الدكتورمحمد عياش أن هذه الحادثة تحمل شقين أحدهما سلبي، والآخر إيجابي. أما السلبي فيأتي من منطلق أن الفتاة التي كانت في الغالب تعلم منذ البداية سياسة المؤسسة تجاه المحجبات وضعت نفسها في موقف حرج دفعها لرفع قضية قد توصلها في النهاية إلى أن تكون موظفة في هذه المؤسسة، ولكن دون تراضي وضمن جو يعمه الحقد والكراهية. أما الإيجابي فنوه الدكتور محمد أن التغير الإجتماعي لا يحدث إلا حين تواجه الكف المخرز فهذه الفتاه حالة ضمن حالات كثيرات لم تتكلم هربا من الموقف الحرج المذكور في السطور السابقة، في حين أن هذه المواقف الغير عابرة أو نادرة تحتاج إلى عناد وقتال حتى يحصل التغير من جذوره.

وفي النهاية أكد الدكتور محمد عياش أن اختيار بيئة العمل تقع على عاتق طالب العمل في إختياره للمكان الذي يتناسب مع توجهاته الفكرية ومعتقداته، خصوصا في ظل دولة تضمن الحريات، وإن وجد في ثناياها بعض ممن يمارسون العنصرية.

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.